التنمية المستدامة: نحو نموذج عالمي متعدد الاختصاصات
كانت ولازالت التنمية المستدامة موضوع يحظى بأهمية قصوى لدى كل الفاعلين في المجال السياسي، الاقتصادي والاجتماعي. فالتغير المناخي الناتج بشكل رئيسي عن انبعاث الغازات الدفينة وخاصة ثاني أكسيد الكربون والأثار المترتبة عن ذلك مثل ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها المعهودة، الجفاف، الفيضانات، الزلازل وارتفاع مستوى البحر، سرعت بضرورة إعادة النظر في المنوال التنموي والعمل على إيجاد توافقات بين كل الأطراف من ذوي العلاقة وذلك من أجل الحد من هذه الانعكاسات. ففي هذا الإطار تم اتخاذ العديد من الإجراءات خلال قمم المناخ واخرها المؤتمر السابع والعشرون الذي عقد بمدينة شرم الشيخ في مصر تحت رعاية الأمم المتحدة في أواخر 2022 من أجل إيجاد حلول توافقية بين الدول الأعضاء وذلك من خلال الاتفاقيات الدولية التي سترسم فيما بعد السياسات الإجرائية من أجل بلوغ الأهداف المناخية المحددة مسبقا.
وللتعامل مع هذا السياق الجديد، أصبحت الشركات تعتمد على استراتيجيات مستدامة تخول لها عملية انتقال طاقي يعتمد أساسا على الطاقات المتجددة والنظيفة مما يقلل من مخاطر مساءلة الشركة ويعزز الشفافية ويدعم انخراط الشركة في تبني سياسات ولوائح تضمن من خلالها إتباع نسق استثماري مبني على الاستدامة. هذا التغيير الجذري أدى إلى تفضيل الاستثمارات التي تحترم احتياطيات الأجيال القادمة وتساهم في احترام البيئة مما أدى إلى ظهور مفاهيم جديدة تتمحور أساسا حول التمويل الأخضر، الاقتصاد الدائري، المحاسبة الخضراء، لوجستيات سلاسل توريد رقمية، إلخ.... هذا التحول رافقه كذلك تبني قوانين منظمة للشأن البيئي وتعمل على توفير مناخ أعمال مبني على الاستدامة.